يؤلمك أحيانا رأي الآخرين بك وقد تؤرق ليال تتساءل عن الواقع الذي يجعل من احدهم يكيل لك كماً غير قليل من الانتقادات دون سابق انذار ودون سابق معرفة وقد تراجع نفسك عسى أن يكون بعض ما يعتقده صحيح لكن في اللحظة التي تحكم فيها نزاهتك وحدسك تكتشف ان ما قليل بعيد عن الموضوعية لتشف عن تحامل ظالم لا تسعفك ذاكرتك لاستحضار مقدماته وأسبابه وغالبا ما ينتهي الأمر- وهذا الأصح-بتناسي الموضوع برمته لتمضي في طريقك كأن شيئا لم يكن
.
وفي بعض الأحيان لا يكون تجاوز ذلك سهلا ولكن ثمة مؤشر قد يساعدك وذلك بتذكر حقيقة بسيطة واحدة هي:
المشكلة التي يفترض ان تعيبك هي في رضى بعضهم عنك وليس في سخطهم عليك فالرأي الايجابي عنك الصادر من بعض النماذج هو الأدعى للقلق والغضب والتوتر،لا العكس من ناحية أخرى فللحب والكراهية لعنة واحدة فأنت تشغل الذين يحبونك بالقدر نفسه الذي تشغل فيه الذين يكرهونك،
الفئة الأولى تنشغل بلون الورد وعبقه الذي يودون ان يمطروك به كل صباح والآخرون ينشغلون بحجم المنجنيق الذي يودون إطلاق كتل النار عليك من خلاله وتستطيع أنت ان تتصور العذاب اللذيذ والعذاب المقيم لكل فئة على حدة!وفي حين تتريث مطولا في اختيار أصدقائك من منطلق ان للصداقة استحقاقات تستوجب الكفاية والندية والتفاهم بينكما أنت وصديقك فمن باب أولى ان تتريث أيضا في إعلان أعدائك وإعلامهم بأنهم استحقوا هذا الموقع .
فالعداوة أيضا تتطلب الكفاءة والندية ......
ندية الخصومة ،فالأسود لا تعلن عن عداوتها على البراغيث مهما بلغ إزعاجها ،والحصان الأصيل لا يتأثر بلدغة حشرة ،فالحصان يبقى أصيلا والحشرة تبقى حشر.ة
وقد تبقى تعتقد ان الفشل هو ما يجعلك وحيدا معزولا منبوذا لتنسى ان النجاح أيضا يقودك إلى ان تكون وحيدا ومكروها ومحسودا على حفنة الهواء الذي تتنفسه كل ثانية .
وبعد فكل ما سبق هو مجرد تأملات عابرة لم يكن الهدف منها الوعظ والنصيحة والإرشاد بقدر ما كانت دعوة للتفكير المشترك في هموم صغيرة غالبا ما نتكلم عليها نتجرعها خفية لنترك أنفسنا أسرى لغصة يومية تقودنا من حيث لا ندري إلى الاختناق بالصمت، ولعلها دعوة لمصالحة النفس والحياة وكل قيم المحبة والخير والجمال فيها وهي أكثر بكثير مما نعتقد.