ازدواجية الميول الجنسية ”Bisexuality“ علمياً، تعريف ونظريات وحقائق
ينجذب البعض منّا إلى الذكر أو الأثنى، ومزدوجو الميول الجنسية موجودون في جميع مناحي المجتمع، وفي كل مكان في العالم. ومع ذلك، فهناك الكثير من المفاهيم الخاطئة التي تحيط بمفهوم ازدواجية الميول الجنسية.
ما هي ازدواجية الميول الجنسية؟
”ازدواجية الميول الجنسية – Bisexuality“ هي انجذاب عاطفي أو إنجذاب جنسي أو سلوك جنسي تجاه كلا الجنسين من الذكور والإناث على حد سواء بنفس المقدار أو أقل أو أكثر، أما الإنجذاب العاطفي أو الجنسي تجاه أي شخص من أي جنس أو جندر فيسمى ”منفتحة الميول الجنسية – Pansexuality“، وغالباً ما يشير الأشخاص منفتحو الجنس إلى أنفسهم بأن لديهم ”عمى جندريا“ مؤكدين بأن الجنس والجندر ليست عواملا محددة في انجذابهم العاطفي والجنسي تجاه الآخرين.
ويعد مفهوم ازدواجية الميول الجنسية واحدا من ثلاث تصنيفات أساسية للتوجه الجنسي بجانب كل من الغيريّة والمثليّة، ولا تعني ازدواجية الميول الجنسية بالضرورة مساواة الإنجذاب الجنسي لكلا الجنسين، فعادةً ما يُعرّف من لديهم تفضيل جنسي واضح ولكن ليس مقتصراً على جنس واحد دون الآخر بأنهم مزدوجو الميول الجنسية.
وقد لوحظت ازدواجية الميول الجنسية في مختلف المجتمعات البشرية وفي المملكة الحيوانية أيضاً، فمصطلح ”ازدواجية الميول الجنسية – Bisexuality“ كان كحال المصطلحات: ”المغايرة الجنسية -Heterosexuality“، و”المثلية الجنسية – Homosexuality“، التي صيغت في القرن التاسع عشر.
سلّم كينسي Kinsey scale:
أنشأ عالم الحيوان والأحياء ”ألفريد كينسي“ في أربعينيات القرن الماضي سلماً لقياس إستمرارية الميول الجنسية من الغيرية الجنسية إلى المثلية الجنسية. ودرس ”كينسي“ الجنس البشري وجادل بأن الناس قادرون على أن يكونوا غيريّين أو مثليين، حتى لو لم تبرز هذه الصفة في الظروف الحالية.
يُستخدم سلم ”كينسي“ لوصف تجربة الشخص الجنسية، أو الإستجابة في وقت معين، ويبدأ مجاله من 0 (ويعني غيريّا حصراً)، حتى 6 (مما يعني مثليّا حصراً)، واُعتبر الناس الذين صنفوا في مكان ما بين 2 و4 مزدوجي الميول الجنسية، بينما اعتبر عالما الإجتماع ”مارتن واينبرغ“ و”كولن ويليامز“؛ من حيث المبدأ، بأن الأشخاص الذين يصنفون في مكان ما بين 1 إلى 5 هم مزدوجو ميول جنسية.
فيما كتب عالم النفس ”جيم ماكنايت“ بأنه في حين أن الفكرة (والتي مفادها أن ازدواجية الميول الجنسية شكل من أشكال الميول الجنسية المتوسطة بين المثلية الجنسية والمغايرة الجنسية) هي ضمنية في سلم كينسي، فقد شكل هذا المفهوم تحدياً كبيراً منذ أن قام عالم النفس ”ألان بيل“ وعالم الإجتماع ”فاينبرغ“، بنشر كتاب ”Homosexualities“ في عام 1978.
ازدواجية الميول الجنسية من وجهة نظر العلم:
لايوجد إجماع بين العلماء حول الأسباب الدقيقة التي تجعل الفرد يطور توجهه الجنسي ليكون غيريّاً أو مثلياً أو مزدوج الميول الجنسية.
وتشمل الأسباب المقترحة مجموعة من العوامل الوراثية، والعوامل البيئية (بما في ذلك عامل الولادة الأخوي، حيث يزيد عدد الأخوة الأكبر سناً من الفرص بأن يكون الشخص مثلياً جنسياً، كذلك التعرض لهرمونات محددة قبل الولادة، حيث تلعب الهرمونات دوراً في تحديد التوجه الجنسي كدورها في تمييز الجنسين، وكذلك إجهاد ما قبل الولادة الذي تتعرض له المرأة).
تقول الجمعية الأمريكية للطب النفسي: ”يقع التوجه الجنسي على طول سلسلة متصلة، وبعبارة أخرى، لا يتعين على شخص ما أن يكون غيرياً أو مثلياً حصرياً، ولكن يمكن أن يشعر بدرجات متفاوتة من كليهما، فالتوجه الجنسي يتطور عبر حياة الشخص، ويدرك أشخاص مختلفون في نقاط مختلفة من حياتهم بأنهم غيريّون أو مزدوجو الميول أو مثليّون“.
وقد يتعارض الإنجذاب الجنسي والسلوك الجنسي والهوية الجنسية، وذلك لأن الإنجذاب الجنسي أو السلوك الجنسي قد لا يكون متسقاً مع الهوية الجنسية، فبعض الأفراد يعرفون أنفسهم كغيريين أو مثليين أو مزدوجي الميول الجنسية، دون أن يكون لديهم أية تجارب جنسية.
ذكرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال: ”أنه ربما لا يتحدد التوجه الجنسي من عامل واحد، ولكن من خلال مجموعة من التأثيرات الجينية والهرمونية والبيئية“.
وذكرت الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين: ”لايوجد حتى الآن دراسات علمية متماثلة تدعم أي مسببات بيولوجية محددة للمثلية الجنسية، وبالمثل لم تحدد أي أسباب إجتماعية نفسية معينة أو عائلية فعالة للمثلية الجنسية، بما في ذلك تاريخ الإعتداء الجنسي على الأطفال“.
آراء بعض العلماء والفلاسفة:
– ماغنوس هيرشفيلد – Magnus Hirschfeld:
قال المتخصص في علم الجنس ”هيرشفيلد“ بأن التوجه الجنسي للبالغين يمكن تفسيره من خلال طبيعة ازدواجية الميول للجنين في طور النمو، فقد اعتقد بأن كل جنين يمتلك مركزا محايدا فطريا للإنجذاب للذكور، وآخر للإنجذاب للإناث، ويتطور في معظم الأجنة المركز المسؤول عن الإنجذاب للجنس الآخر في حين يتراجع المركز المسؤول عن الإنجذاب لنفس الجنس، ويحدث العكس بالنسبة للأجنة التي تصبح مثلية الجنس.
انتقد عالم الأعصاب ”سيمون ليفاي“ فرضية هيرشفيلد لمرحلة ازدواجية الميول الجنسية المبكرة من النمو، واصفاً ذلك بالإرتباك، وأكّد ”ليفاي“ فشل ”هيرشفيلد“ في التمييز بين القول بأن الدماغ غير متمايز جنسياً في مرحلة مبكرة من النمو، والقول بأن الفرد يختبر حقيقةً الإنجذاب الجنسي لكلا الطرفين، الذكر والأنثى.
ويعتقد ”هيرشفيلد“، وفقاً لـ”ليفاي“ بأن قوة الإنجذاب لنفس الجنس عند معظم الأشخاص مزدوجي الميول الجنسية تكون منخفضة نسبياً، وبالتالي كان من الممكن كبح تطورها في فترة الشباب.
أنشأ ”هيرشفيلد“ سلماً من عشر نقاط لقياس قوة الرغبة الجنسية، وبتمثيل إتجاه الرغبة بالحروف: A (للمغايرة الجنسية)، وB (للمثلية الجنسية)، وA+B (لازدواجية الميول الجنسية)، فمن كان A3,B9 على هذا المقياس سيكون ضعيف الإنجذاب إلى الجنس الآخر، ومنجذبا بشدة إلى نفس الجنس، ومن كان A0,B0 سيكون لاجنسياً، أما من كان A10,B10 سينجذب لكلا الجنسين.
– سيجموند فرويد – Sigmund Freud:
يعتقد ”فرويد“ أن كل إنسان هو مزدوج الميول الجنسية، بمعنى تجسيد السمات العامة لكلا الجنسين، وفي رأيه، كان هذا صحيحاً من الناحية التشريحية وبالتالي النفسية، بالنسبة للإنجذاب الجنسي لكلا الجنسين كونها جانباً من ازدواجية الميول النفسية هذه.
ويعتقد ”فرويد“ أنه في سياق التطور الجنسي، فإن الجانب الذكوري من هذا الميل الثنائي الجنس عادة ما يصبح مسيطرا عند الرجال، فيما يسيطر الجانب الأنثوي عند النساء.
ولكن تبقى عند جميع البالغين رغبات مستمدة من كلا الجانبين الذكوري والأنثوي لطبيعتهم.
ولم يدّعِ ”فرويد“ أن كل الأشخاص هم مزدوجو الميول الجنسية، بمعنى الشعور بنفس درجة الإنجذاب الجنسي لكلا الجنسين.
فيما قال العلماء: ”آلان بيل“ و”مارتن فاينبرغ“ و”سو كيفرهام سميث“ في كتابهم ”Sexual Perference“ لعام (1981)، بأن التفضيل الجنسي كان أقل ارتباطاً مع المشاعر الجنسية ما قبل البلوغ بين مزدوجي الميول الجنسية مما كان عليه بين المغايرين جنسياً والمثليين، واقترحوا، إستناداً إلى هذه النتائج وغيرها، بأن ازدواجية الميول الجنسية تكون أكثر تأثراً بالتعلم الإجتماعي والجنسي أكثر من كونها مثلية جنسية على وجه الحصر.
أما ”مارجوري غاربر“ بروفيسورة جامعة هارفارد، ناقشت في كتابها ”Vice Versa: Bisexuality and The Eroticism of Everyday Life“، بأن معظم الناس ممكن أن يكونوا مزدوجي الميول الجنسية، إن لم تكن لأجل الكبت وعوامل أخرى مثل نقص الفرص الجنسية.
بنية الدماغ والكروموسومات:
بيّن فحص ”ليفاي“ (1991)، في تشريح جثث 18 رجل مثلي، ورجل مزدوج الميول الجنسية، و16 رجل من المحتمل أنهم غيريّون، كذلك 6 نساء من المحتمل أنهن غيريات، بأن ”INAH3“ للرجال المثليين (وINAH3 هو النواة الخلالية للوطاء الأمامي، وله دور مباشر في السلوك الجنسي) أصغر منها عند الرجال الغيريين، وأقرب في الحجم عند النساء الغيريات، وكان حجم ”INAH3“ لمزدوجي الميول الجنسية مماثلة لتلك التي في الرجال المغايرين.
وتدعم بعض الأدلة مفهوم الأسلاف البيولوجية للتوجه ثنائي الجنس عند الذكور.
وفقاً للعالم ”موني“ (1988)، فإن الذكور بكروموسوم Y إضافي، أكثر إحتمالاً بأن يكونوا مزدوجي الميول الجنسية.
نظرية التطور:
جادل بعض علماء النفس التطوريين بأن الإنجذاب لنفس الجنس ليس له قيمة تكيفية لأنه لا يرتبط بأي نجاح إنجابي محتمل، ويمكن أن تكون ازدواجية الميول الجنسية، بدلاً من ذلك، بسبب التقلب الطبيعي في الدماغ.
واقتُرح في الآونة الأخيرة أن التحالفات المثليّة قد ساعدت الذكور على تسلق الهرم الإجتماعي مما أتاح الوصول إلى الإناث وزاد فرص الإنجاب، ويمكن أن يساعد هذا الإناث على الإنتقال إلى المركز الأكثر أماناً وغنىً بالموارد، مما يزيد فرصتهن في تربية سلالتهن بنجاح.
ويقترح ”بريندان زيتش“ من معهد كوينزلاند للأبحاث الطبية في أستراليا ”QIMR“، بأن الرجال الذين يظهرون سمات الأنثى يصبحون أكثر جاذبية للإناث، وبالتالي أكثر عرضة للتزاوج، شريطة ألا تدفعهم الجينات المعينة إلى إكمال الرفض للعلاقة مع الجنس الآخر.
وقد ذكرت العالمة ”إيميلي دريسكول“ في المجلة العلمية ”Scientific American Mind“، بأن السلوك الجنسي المثلي والمزدوج شائع جداً في عدة أنواع، وأنه يعزز الترابط: ”أكثر الأنواع سلاماً، أكثرها مثلية جنسية“.
هرمونات ماقبل الولادة:
إقتُرح كذلك أن التعرض لنسبة مرتفعة من تستوسترون ما قبل الولادة ونسبة منخفضة من أستروجين ما قبل الولادة هو أحد أسباب المثلية الجنسية، في حين أن التعرض لنسبة مرتفعة جداً من التستوستيرون مرتبط بمزدوجي الميول الجنسية، لأن التستوستيرون بشكل عام مهم للتمايز الجنسي، وهذا الرأي يقدم بديلاً عن الإقتراح القائل بأن المثلية الجنسية للذكور وراثية.
الرغبة الجنسية:
أشارت العديد من الدراسات التي تقارن بين مزدوجي الميول الجنسية والمثليين والغيريين إلى أن مزدوجي الميول لديهم معدلات أعلى من النشاط الجنسي أو الخيال أو الاهتمام الجنسي أكثر من غيرهم. وتشير البحوث إلى أن إرتفاع نسبة الرغبة الجنسية عند معظم النساء مرتبط بزيادة الإنجذاب الجنسي لكل من النساء والرجال.
أما بالنسبة للرجال فإن ارتفاع نسبة الرغبة الجنسية يرتبط بزيادة الإنجذاب الجنسي لجنس واحد وضعف الإنجذاب للجنس الآخر اعتماداً على التوجه الجنسي، وكذلك هو الحال لكل من النساء والرجال مزدوجي الميول الجنسية.
• بعد قراءتك المقال، نستطيع أن نقدم لك (إن لم يكن بإمكانك استنتاج) هذه الحقائق عن ازدواجية الميول الجنسية ومزدوجي الميول الجنسية:
1. يستطيع الرجال الذين ينشطون جنسياً مع الرجال التمتع بالجنس أيضاً مع النساء، والعكس صحيح.
2. لا يرتكز الوقوع في الحب، بالنسبة للكثيرين، على الجسم المادي، بل على الإرتباط العاطفي بين الإثنين.
3. عندما ينام شخص ما مع الرجال والنساء، لايعني ذلك أنهم يخافون بطريقة ما من الإلتزام أو أنهم مفرطون في الرغبة الجنسية.
4. إذا وقع مزدوج الميول الجنسية في الحب، فهو قادر على الزواج الأحادي، تماماً مثل بقية المجتمع.
5. إزدواجية الميول الجنسية ليست مظهراً من الجُبن العلائقي.
6. لم تكن ازدواجية الميول الجنسية مجرد شيئ قط، فهي ظاهرة بيولوجية بنفس الطريقة والنمط للغيرية.
ينجذب البعض منّا إلى الذكر أو الأثنى، ومزدوجو الميول الجنسية موجودون في جميع مناحي المجتمع، وفي كل مكان في العالم. ومع ذلك، فهناك الكثير من المفاهيم الخاطئة التي تحيط بمفهوم ازدواجية الميول الجنسية.
ما هي ازدواجية الميول الجنسية؟
”ازدواجية الميول الجنسية – Bisexuality“ هي انجذاب عاطفي أو إنجذاب جنسي أو سلوك جنسي تجاه كلا الجنسين من الذكور والإناث على حد سواء بنفس المقدار أو أقل أو أكثر، أما الإنجذاب العاطفي أو الجنسي تجاه أي شخص من أي جنس أو جندر فيسمى ”منفتحة الميول الجنسية – Pansexuality“، وغالباً ما يشير الأشخاص منفتحو الجنس إلى أنفسهم بأن لديهم ”عمى جندريا“ مؤكدين بأن الجنس والجندر ليست عواملا محددة في انجذابهم العاطفي والجنسي تجاه الآخرين.
ويعد مفهوم ازدواجية الميول الجنسية واحدا من ثلاث تصنيفات أساسية للتوجه الجنسي بجانب كل من الغيريّة والمثليّة، ولا تعني ازدواجية الميول الجنسية بالضرورة مساواة الإنجذاب الجنسي لكلا الجنسين، فعادةً ما يُعرّف من لديهم تفضيل جنسي واضح ولكن ليس مقتصراً على جنس واحد دون الآخر بأنهم مزدوجو الميول الجنسية.
وقد لوحظت ازدواجية الميول الجنسية في مختلف المجتمعات البشرية وفي المملكة الحيوانية أيضاً، فمصطلح ”ازدواجية الميول الجنسية – Bisexuality“ كان كحال المصطلحات: ”المغايرة الجنسية -Heterosexuality“، و”المثلية الجنسية – Homosexuality“، التي صيغت في القرن التاسع عشر.
سلّم كينسي Kinsey scale:
أنشأ عالم الحيوان والأحياء ”ألفريد كينسي“ في أربعينيات القرن الماضي سلماً لقياس إستمرارية الميول الجنسية من الغيرية الجنسية إلى المثلية الجنسية. ودرس ”كينسي“ الجنس البشري وجادل بأن الناس قادرون على أن يكونوا غيريّين أو مثليين، حتى لو لم تبرز هذه الصفة في الظروف الحالية.
يُستخدم سلم ”كينسي“ لوصف تجربة الشخص الجنسية، أو الإستجابة في وقت معين، ويبدأ مجاله من 0 (ويعني غيريّا حصراً)، حتى 6 (مما يعني مثليّا حصراً)، واُعتبر الناس الذين صنفوا في مكان ما بين 2 و4 مزدوجي الميول الجنسية، بينما اعتبر عالما الإجتماع ”مارتن واينبرغ“ و”كولن ويليامز“؛ من حيث المبدأ، بأن الأشخاص الذين يصنفون في مكان ما بين 1 إلى 5 هم مزدوجو ميول جنسية.
فيما كتب عالم النفس ”جيم ماكنايت“ بأنه في حين أن الفكرة (والتي مفادها أن ازدواجية الميول الجنسية شكل من أشكال الميول الجنسية المتوسطة بين المثلية الجنسية والمغايرة الجنسية) هي ضمنية في سلم كينسي، فقد شكل هذا المفهوم تحدياً كبيراً منذ أن قام عالم النفس ”ألان بيل“ وعالم الإجتماع ”فاينبرغ“، بنشر كتاب ”Homosexualities“ في عام 1978.
ازدواجية الميول الجنسية من وجهة نظر العلم:
لايوجد إجماع بين العلماء حول الأسباب الدقيقة التي تجعل الفرد يطور توجهه الجنسي ليكون غيريّاً أو مثلياً أو مزدوج الميول الجنسية.
وتشمل الأسباب المقترحة مجموعة من العوامل الوراثية، والعوامل البيئية (بما في ذلك عامل الولادة الأخوي، حيث يزيد عدد الأخوة الأكبر سناً من الفرص بأن يكون الشخص مثلياً جنسياً، كذلك التعرض لهرمونات محددة قبل الولادة، حيث تلعب الهرمونات دوراً في تحديد التوجه الجنسي كدورها في تمييز الجنسين، وكذلك إجهاد ما قبل الولادة الذي تتعرض له المرأة).
تقول الجمعية الأمريكية للطب النفسي: ”يقع التوجه الجنسي على طول سلسلة متصلة، وبعبارة أخرى، لا يتعين على شخص ما أن يكون غيرياً أو مثلياً حصرياً، ولكن يمكن أن يشعر بدرجات متفاوتة من كليهما، فالتوجه الجنسي يتطور عبر حياة الشخص، ويدرك أشخاص مختلفون في نقاط مختلفة من حياتهم بأنهم غيريّون أو مزدوجو الميول أو مثليّون“.
وقد يتعارض الإنجذاب الجنسي والسلوك الجنسي والهوية الجنسية، وذلك لأن الإنجذاب الجنسي أو السلوك الجنسي قد لا يكون متسقاً مع الهوية الجنسية، فبعض الأفراد يعرفون أنفسهم كغيريين أو مثليين أو مزدوجي الميول الجنسية، دون أن يكون لديهم أية تجارب جنسية.
ذكرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال: ”أنه ربما لا يتحدد التوجه الجنسي من عامل واحد، ولكن من خلال مجموعة من التأثيرات الجينية والهرمونية والبيئية“.
وذكرت الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين: ”لايوجد حتى الآن دراسات علمية متماثلة تدعم أي مسببات بيولوجية محددة للمثلية الجنسية، وبالمثل لم تحدد أي أسباب إجتماعية نفسية معينة أو عائلية فعالة للمثلية الجنسية، بما في ذلك تاريخ الإعتداء الجنسي على الأطفال“.
آراء بعض العلماء والفلاسفة:
– ماغنوس هيرشفيلد – Magnus Hirschfeld:
قال المتخصص في علم الجنس ”هيرشفيلد“ بأن التوجه الجنسي للبالغين يمكن تفسيره من خلال طبيعة ازدواجية الميول للجنين في طور النمو، فقد اعتقد بأن كل جنين يمتلك مركزا محايدا فطريا للإنجذاب للذكور، وآخر للإنجذاب للإناث، ويتطور في معظم الأجنة المركز المسؤول عن الإنجذاب للجنس الآخر في حين يتراجع المركز المسؤول عن الإنجذاب لنفس الجنس، ويحدث العكس بالنسبة للأجنة التي تصبح مثلية الجنس.
انتقد عالم الأعصاب ”سيمون ليفاي“ فرضية هيرشفيلد لمرحلة ازدواجية الميول الجنسية المبكرة من النمو، واصفاً ذلك بالإرتباك، وأكّد ”ليفاي“ فشل ”هيرشفيلد“ في التمييز بين القول بأن الدماغ غير متمايز جنسياً في مرحلة مبكرة من النمو، والقول بأن الفرد يختبر حقيقةً الإنجذاب الجنسي لكلا الطرفين، الذكر والأنثى.
ويعتقد ”هيرشفيلد“، وفقاً لـ”ليفاي“ بأن قوة الإنجذاب لنفس الجنس عند معظم الأشخاص مزدوجي الميول الجنسية تكون منخفضة نسبياً، وبالتالي كان من الممكن كبح تطورها في فترة الشباب.
أنشأ ”هيرشفيلد“ سلماً من عشر نقاط لقياس قوة الرغبة الجنسية، وبتمثيل إتجاه الرغبة بالحروف: A (للمغايرة الجنسية)، وB (للمثلية الجنسية)، وA+B (لازدواجية الميول الجنسية)، فمن كان A3,B9 على هذا المقياس سيكون ضعيف الإنجذاب إلى الجنس الآخر، ومنجذبا بشدة إلى نفس الجنس، ومن كان A0,B0 سيكون لاجنسياً، أما من كان A10,B10 سينجذب لكلا الجنسين.
– سيجموند فرويد – Sigmund Freud:
يعتقد ”فرويد“ أن كل إنسان هو مزدوج الميول الجنسية، بمعنى تجسيد السمات العامة لكلا الجنسين، وفي رأيه، كان هذا صحيحاً من الناحية التشريحية وبالتالي النفسية، بالنسبة للإنجذاب الجنسي لكلا الجنسين كونها جانباً من ازدواجية الميول النفسية هذه.
ويعتقد ”فرويد“ أنه في سياق التطور الجنسي، فإن الجانب الذكوري من هذا الميل الثنائي الجنس عادة ما يصبح مسيطرا عند الرجال، فيما يسيطر الجانب الأنثوي عند النساء.
ولكن تبقى عند جميع البالغين رغبات مستمدة من كلا الجانبين الذكوري والأنثوي لطبيعتهم.
ولم يدّعِ ”فرويد“ أن كل الأشخاص هم مزدوجو الميول الجنسية، بمعنى الشعور بنفس درجة الإنجذاب الجنسي لكلا الجنسين.
فيما قال العلماء: ”آلان بيل“ و”مارتن فاينبرغ“ و”سو كيفرهام سميث“ في كتابهم ”Sexual Perference“ لعام (1981)، بأن التفضيل الجنسي كان أقل ارتباطاً مع المشاعر الجنسية ما قبل البلوغ بين مزدوجي الميول الجنسية مما كان عليه بين المغايرين جنسياً والمثليين، واقترحوا، إستناداً إلى هذه النتائج وغيرها، بأن ازدواجية الميول الجنسية تكون أكثر تأثراً بالتعلم الإجتماعي والجنسي أكثر من كونها مثلية جنسية على وجه الحصر.
أما ”مارجوري غاربر“ بروفيسورة جامعة هارفارد، ناقشت في كتابها ”Vice Versa: Bisexuality and The Eroticism of Everyday Life“، بأن معظم الناس ممكن أن يكونوا مزدوجي الميول الجنسية، إن لم تكن لأجل الكبت وعوامل أخرى مثل نقص الفرص الجنسية.
بنية الدماغ والكروموسومات:
بيّن فحص ”ليفاي“ (1991)، في تشريح جثث 18 رجل مثلي، ورجل مزدوج الميول الجنسية، و16 رجل من المحتمل أنهم غيريّون، كذلك 6 نساء من المحتمل أنهن غيريات، بأن ”INAH3“ للرجال المثليين (وINAH3 هو النواة الخلالية للوطاء الأمامي، وله دور مباشر في السلوك الجنسي) أصغر منها عند الرجال الغيريين، وأقرب في الحجم عند النساء الغيريات، وكان حجم ”INAH3“ لمزدوجي الميول الجنسية مماثلة لتلك التي في الرجال المغايرين.
وتدعم بعض الأدلة مفهوم الأسلاف البيولوجية للتوجه ثنائي الجنس عند الذكور.
وفقاً للعالم ”موني“ (1988)، فإن الذكور بكروموسوم Y إضافي، أكثر إحتمالاً بأن يكونوا مزدوجي الميول الجنسية.
نظرية التطور:
جادل بعض علماء النفس التطوريين بأن الإنجذاب لنفس الجنس ليس له قيمة تكيفية لأنه لا يرتبط بأي نجاح إنجابي محتمل، ويمكن أن تكون ازدواجية الميول الجنسية، بدلاً من ذلك، بسبب التقلب الطبيعي في الدماغ.
واقتُرح في الآونة الأخيرة أن التحالفات المثليّة قد ساعدت الذكور على تسلق الهرم الإجتماعي مما أتاح الوصول إلى الإناث وزاد فرص الإنجاب، ويمكن أن يساعد هذا الإناث على الإنتقال إلى المركز الأكثر أماناً وغنىً بالموارد، مما يزيد فرصتهن في تربية سلالتهن بنجاح.
ويقترح ”بريندان زيتش“ من معهد كوينزلاند للأبحاث الطبية في أستراليا ”QIMR“، بأن الرجال الذين يظهرون سمات الأنثى يصبحون أكثر جاذبية للإناث، وبالتالي أكثر عرضة للتزاوج، شريطة ألا تدفعهم الجينات المعينة إلى إكمال الرفض للعلاقة مع الجنس الآخر.
وقد ذكرت العالمة ”إيميلي دريسكول“ في المجلة العلمية ”Scientific American Mind“، بأن السلوك الجنسي المثلي والمزدوج شائع جداً في عدة أنواع، وأنه يعزز الترابط: ”أكثر الأنواع سلاماً، أكثرها مثلية جنسية“.
هرمونات ماقبل الولادة:
إقتُرح كذلك أن التعرض لنسبة مرتفعة من تستوسترون ما قبل الولادة ونسبة منخفضة من أستروجين ما قبل الولادة هو أحد أسباب المثلية الجنسية، في حين أن التعرض لنسبة مرتفعة جداً من التستوستيرون مرتبط بمزدوجي الميول الجنسية، لأن التستوستيرون بشكل عام مهم للتمايز الجنسي، وهذا الرأي يقدم بديلاً عن الإقتراح القائل بأن المثلية الجنسية للذكور وراثية.
الرغبة الجنسية:
أشارت العديد من الدراسات التي تقارن بين مزدوجي الميول الجنسية والمثليين والغيريين إلى أن مزدوجي الميول لديهم معدلات أعلى من النشاط الجنسي أو الخيال أو الاهتمام الجنسي أكثر من غيرهم. وتشير البحوث إلى أن إرتفاع نسبة الرغبة الجنسية عند معظم النساء مرتبط بزيادة الإنجذاب الجنسي لكل من النساء والرجال.
أما بالنسبة للرجال فإن ارتفاع نسبة الرغبة الجنسية يرتبط بزيادة الإنجذاب الجنسي لجنس واحد وضعف الإنجذاب للجنس الآخر اعتماداً على التوجه الجنسي، وكذلك هو الحال لكل من النساء والرجال مزدوجي الميول الجنسية.
• بعد قراءتك المقال، نستطيع أن نقدم لك (إن لم يكن بإمكانك استنتاج) هذه الحقائق عن ازدواجية الميول الجنسية ومزدوجي الميول الجنسية:
1. يستطيع الرجال الذين ينشطون جنسياً مع الرجال التمتع بالجنس أيضاً مع النساء، والعكس صحيح.
2. لا يرتكز الوقوع في الحب، بالنسبة للكثيرين، على الجسم المادي، بل على الإرتباط العاطفي بين الإثنين.
3. عندما ينام شخص ما مع الرجال والنساء، لايعني ذلك أنهم يخافون بطريقة ما من الإلتزام أو أنهم مفرطون في الرغبة الجنسية.
4. إذا وقع مزدوج الميول الجنسية في الحب، فهو قادر على الزواج الأحادي، تماماً مثل بقية المجتمع.
5. إزدواجية الميول الجنسية ليست مظهراً من الجُبن العلائقي.
6. لم تكن ازدواجية الميول الجنسية مجرد شيئ قط، فهي ظاهرة بيولوجية بنفس الطريقة والنمط للغيرية.